ككل سنة يصادف اليوم العاشر من شهر مايو ذكرى ميلاد “الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و واد الذهب”، كما يتزامن يوم العشرين من نفس الشهر، مع ذكرى “اندلاع الكفاح المسلح”، و الاحتفال بهذين الحدثين الغاليين على قلوب الشعب الصحراوي، ترسيخ للنضال و الكفاح للمطالبة بحق تقرير المصير، يسترسل من جيل إلى جيل، إلى أن ينال الشعب الصحراوي استقلاله أو يرث الله الأرض و من عليها.
غير أن الاحتفال بهذه المحطات التاريخية هذه السنة يتزامن مع الخمول و الركود المفجع للفعاليات النضالية و الانتكاسات التي تتوالى على القيادة الصحراوية من كل حدب و صوب، حتى صرنا نكاد نترحم على قضيتنا التي دخلت غرفة الإنعاش، و إن صح التعبير دخلت في موت سريري.
فقد شهدت قضيتنا نهاية شهر أبريل المنصرم، مخاضا عسيرا، على إثر القرار الذي خرج به مجلس الأمن الدولي، و الذي أتت جل مخرجاته ضد كل توقعات القيادة و انتظارات الشعب الصحراوي الأبي الذي عانى و لا يزال يعاني الشتات، الأمر الذي تسبب في نكسة و ضربة موجعة للقيادة و من ورائها الشعب الصحراوي المقهور.
فعكس كل التوقعات و انتظارات الشارع الصحراوي لم تأت توصية مجلس الأمن حول الصحراء الغربية، بأي جديد يخدم مصالح الشعب، فجاءت مضامينها جافة تمدد مهمة المينورسو سنة إضافية لتؤكد من جديد مواصلة معاناة أهالينا تحت الخيام بتندوف القاحلة، كما باركت انسحاب عناصر الجيش الصحراوي من الكركرات، الأمر الذي خلف ارتباكا واضحا لدى القيادة نظرا للانتصار المزعوم الذي كانت تسوق له لدى عموم الشعب، لتطل علينا القيادة بعد ذلك و بعد تردد واضح عن كون عناصر الجيش الصحراوي لم تنسحب من الكركرات و إنما قامت بعملية ” إعادة إنتشار” لقواتها في منطقة لا تتعدى الخمس كيلومترات؟؟؟
و حسب آراء النشطاء الصحراويين، فإن انسحاب عناصر الجيش الصحراوي من الكركرات شكل هزيمة نكراء للقيادة التي عمدت كعادتها للتغطية على فشلها بمصطلحات فضفاضة تفقد أصلا للموضوعية، لتمرير النكسة بطريقة يتقبلها الرأي العام الوطني، لتسقط بذلك ورقة الكركرات التي غطت بها القيادة هزائمها طيلة الشهور الأخيرة، خصوصا بعد الضربات المتوالية للعدو و توغله الإفريقي الذي فاق كل التوقعات، مضيفين أن الشعب الصحراوي بعد هذا الإخفاق دخل من جديد في مسلسل من المفاوضات العبثية تحت مخدر جديد اسمه “اعادة الانتشار” لخداع القاعدة الشعبية.
هذا الانسحاب الذي زكاه القرار الأممي الأخير خلف استياءا لدى أغلبية المواطنين الصحراويين الذين اجمعوا على عدم رضاهم عن هذه الخطوة غير المحسوبة للقيادة و التي اعتبروها تنازلا ينضاف لسلسلة التنازلات المميتة التي أوصلت القضية إلى ما هي عليه، مطالبين بتفسير واضح لهذه الخطوة.
و ربط محللون الخيبة الأممية هاته و الانسحاب المفاجئ من الكركرات بمحدودية خيارات القيادة الصحراوية و عجزها الواضح في إجراء أي تغيير بالسلك الدبلوماسي الذي دخل في موت سريري منذ مدة، مقابل دبلوماسية ديناميكية للمحتل، توجت باستئناف علاقاته مع كوبا و سحب مالاوي اعترافها بالجمهورية الصحراوية، ليبقى المواطن هو الضحية لمسلسل إخفاقات مسؤولي الرابوني و الأكاذيب الأممية منذ عام 1991.
إن واقع الحال لا يبعث على الاطمئنان بتاتا، خصوصا بعد هكذا إخفاقات. فداخل المخيمات هناك تذمر من إطالة أمد النزاع و غياب الأفق، و بالأراضي المحتلة نشهد تراخي كبير من طرف مناضلينا مما ينذر بأفول الانتفاضة، زد على ذلك التراجع الخطير لمصداقية قيادتنا التي صارت كسابقتها تردد نفس الاسطوانة المشروخة التي لا تسمن و لا تغني من جوع، فلا غرابة في أن تتعرض محطات تاريخية كهذه للتهميش و الزج بها في غياهب النسيان، في ظل اعتماد مسؤولينا لغة النار والحديد تجاه الشعب و أسلوب استجداء المساعدات الإنسانية و المفاوضات العبثية الفاشلة التي جعلتهم كالنعام الذي يدفن رؤوسه في التراب.
صحراوي فكـــراش