Press "Enter" to skip to content

الكركرات .. و النصر المزعوم

بعد التحركات التي قام بها المحتل المغربي بمنطقة الكركرات في الأشهر القليلة الماضية تحت ذريعة حملة تطهيرية ضد التجارة غير المشروعة بالمنطقة و تعبيده الطريق الفاصل بين الجيش المغربي على مستوى جدار العار الرملي و الحراسة الموريتانية، بادرت القيادة الصحراوية بالرد عبر على ذلك بتسجيل حضور بعض عناصر الجيش الشعبي في المنطقة العازلة، تحت ذريعة المعاملة بالمثل.

بقيت الوضعية على حالها  شهورا عدة إلى أن عاد المحتل إلى كنف الاتحاد الإفريقي و بأغلبية لم تكن قيادتنا النائمة تتوقعها، الأمر الذي خلف نوعا من الاستياء لدى الرأي العام الصحراوي نتيجة النكسات المتتالية لدبلوماسيتنا فلجأت بذلك القيادة  الصحراوية إلى التصعيد في حدث تواجد الجيش الصحراوي بمنطقة الكركرات لتستغله  عبر تعبئة الشعب حولها بالمخيمات و اعتباره انتصارا لنا ضد سلطات الاحتلال، محاولة صنع انتصارات وهمية، في ظل  وضعية الجمود و الانتظار الممل الذي يعانيه أهالينا بالمخيمات.

هذا النصر المزعوم المتمثل في بعض مناوشات صبيانية من قواتنا ضد سائقي الشاحنات المغاربة، دفع بالرباط إلى تنبيه الأمين العام للأمم المتحدة إلى التوتر الذي تسبب فيه، ما دفع هذا الأخير إلى إصدار بيان بضرورة ضبط النفس و الانسحاب من المنطقة للطرفين،  فجاء رد المحتل سريعا بسحب قواته التي كانت خارج الحزام الرملي و رجوعها إلى نقطة الحراسة بمعبر الكركرات، تاركة قيادتنا  في مأزق حرج، على اعتبار  أن انسحابها بعد ترويجها لنصر مزعوم سيكون عرضة لسخط الجماهير الصحراوية بالمخيمات، و بالمقابل فبقائها جعلها في مواجهة مباشرة مع الأمم المتحدة و الشرعية الدولية.

و أجمع العديد من المتتبعين على أن انسحاب المغرب كان ضربة سياسية ذكية، أبان فيها عن التزامه بالشرعية الدولية، و الذي لقي استحسانا كبيرا من طرف القوى الدولية الكبرى، مما سيكسبه نقاطا أخرى خصوصا مع اقتراب إصدار التقرير الأممي حول الصحراء  الغربية في شهر ابريل المقبل.

من جانبه اعتبر العديد من النشطاء  الصحراويين  عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن ما يقع  في الكركرات هو بمثابة الشجرة التي تخفي الغابة. فبعد الإخفاقات المتتالية لقيادتنا و نفاد كل أوراق الضغط ذات تأثير فعال و فوري على المحتل في المحافل الدولية و التي كان أهمها ورقة حقوق الإنسان و التي استطاع الاحتلال التعايش معها و بالتالي الإفلات من تأثيراتها، لم يبقى لديها سوى ورقة التهديد بالعودة إلى الحرب و التي فقدت هي الأخرى قيمتها بسبب كثرة التلويح بها دون القدرة على تنفيذها، و وجدت القيادة  ضالتها في هذا الحدث للتغطية على فشلها الذريع أمام دبلوماسية المحتل و فرصة لحشد الهمم و بعث الروح من جديد في نفوس الصحراويين الذين أتعبهم اليأس و الانتظار و خلط الأوراق من جديد، دون الاكتراث بعواقبه الوخيمة  على مآل القضية.

تطورات أبانت على أن  القيادة الصحراوية، و بسبب انسداد الأفق و التغيرات الطارئة على الساحة الإفريقية، أصبحت تتعامل مع الوضع بنوع من التهور وخبط عشواء، يصعب معه التنبؤ بما ستؤول إليه الأوضاع.

سيد احمد ولد حمادي/الأراضي المحتلة