يصادف يوم 27 فبراير من كل سنة ذكرى تأسيس الجمهورية الصحراوية، محطة يستقبلها بكل فخر و اعتزاز كل الصحراويون بمن فيهم من شاركوا في وضع اللبنة التأسيسية للدولة الصحراوية في نفس التاريخ من سنة 1976، و التي تم الإعلان عن تأسيسها ببئر لحلو غداة مغادرة آخر جندي إسباني للتراب الصحراوي و مع بداية حرب تحريرية جديدة ضد المحتل المغربي انتهت ميدانيا بالتوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار على أساس مخطط التسوية السلمي الأممي.
و الملاحظ أن الاحتفالات المخلدة للذكرى 41 لتأسيس الجمهورية عرفت هذه السنة تراجعا و فتورا ملموسا، تعزى أسبابه حسب مجموعة من الفعاليات السياسية و الشعبية الصحراوية، إلى التطورات التي عرفتها قضيتنا خلال عهدة الرئيس الحالي، التي تميزت بتراجع دبلوماسية القيادة الصحراوية و الانتكاسات المتتالية التي عرفتها خلال الآونة الأخيرة و التي ساهمت في عودة المحتل إلى الاتحاد الإفريقي و بأغلبية ساحقة و استمالته لدول كانت بالأمس القريب داعمة لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير.
أحداث وغيرها أصابت شعبنا و قيادتنا العتيدة بالإحباط و الترنح و الترويج لانتصارات وهمية، لا وجود لها إلا في بيانات الأمانة الوطنية طيلة أكثر من ربع قرن، حتى كاد الشعب الصحراوي يترحم على قضيته التي دخلت غرفة الإنعاش إن لم نقول في موت سريري.
و بعيدا عن التشاؤم الزائد و برأي العديد من المناضلين، فحصيلة القيادة الحالية على مستوى ما حققته للقضية الوطنية جد هزيلة، بحيث صارت على نهج سابقتها بتسويق الأكاذيب و الانتصارات الوهمية، متناسية أن العالم أصبح قرية صغيرة، لم يعد فيه مكان للكذب و الخداع واللعب على عواطف الناس و خلق مكاسب خيالية، زد على ذلك اعتمادها سياسة النعام أمام انتصارات المحتل المتوالية إقليميا و دوليا، ليبقي الخاسر الأكبر من هكذا تلاعبات و إخفاقات هو الشعب الصحراوي المقهور و المغلوب على أمره و الذي لا زال يعاني من انعدام أبسط شروط العيش الكريم في مخيمات اللجوء.
يستقبل الصحراويون هذه الذكرى الغالية وسط أجواء مشحونة و انقسامات داخلية، عنوانها البارز الاتهامات المتبادلة بين التيارات الحقوقية و المناضلين، تم نشر غسيلها في مواقع التواصل الاجتماعي، عبر حملات أطلق عليها أصحابها “فضح المناضلين البرقوقيين”، حيث تم وصف العديد من الفعاليات الحقوقية بالمناطق المحتلة بالفساد و العهر و الاسترزاق، و اتهم البعض الأخر بالعمالة للعدو. تقاذفات أصابت قضيتنا و وحدتنا في مقتل و كشفت نقص و غياب التأطير من لدن المسؤولين الصحراويين.
فالقراءة الموضوعية للوضع المتدهور الذي وصلنا إليه تنبؤ بما هو أسوء، مما يستوجب التفكير في مسالك أخرى لتقوية اللحمة التي باتت مهددة بالتصدع نتيجة إقصاء و تهميش الطاقات الحقيقية القادرة على السير بالمشروع الوطني بثبات و ذكاء الى الهدف المنشود، بعيدا عن الانتهازيين و النفعيين الذين جعلوا من القضية مطية لتحقيق منافع شخصية دنيئة.
الركيبي محمد لمين / السمارة المحتلة