ككل سنة، لا يحل موسم الصيف إلا و تشرع أسر و عائلات الصحراويين بالمخيمات في الاستعداد من أجل إرسال أبنائها إلى عطل الاستجمام و التخييم خارج مخيمات العزة و الكرامة كل حسب قدرته المادية و مكانته الاجتماعية، ذلك من أجل أن تنقد فلذات كبدها من حرارة و أشعة الشمس الحارقة و منحهم فرصة لتذوق طعم الحياة الطبيعية التي يحق لأي طفل بريء أن يعيشها و يستمتع بها، لتبث فيهم بصيص من الأمل في تحقيق أحلامهم البريئة.
إلا أن عطل و رحلات استجمام هؤلاء الأطفال تنقسم إلى صنفين، فهناك فئة من الأطفال تنتمي لأسر ميسورة و عائلات مسؤولين بالقيادة و من يدور في فلكها، كلما حل موسم الصيف ترسل أبنائها في بعثات و رحلات خاصة إلى مواقع الاستجمام و الترفيه خمسة نجوم تسمح لها بالاستمتاع بحرية و أمان بعيدا عن أجواء الضغوطات و الاستغلال.
في حين أن الفئة الثانية تنتمي للأسر الفقيرة و المغلوبة على أمرها لا حول لها و لا قوة سوى أن تنتظر التفاتة من مسؤولي القيادة الصحراوية التي تتكلف بالعطل الصيفية في إطار برنامج “عطل في سلام”، و التي أعلنت هذه السنة عن استفادة أزيد من خمسة آلاف طفل صحراوي، ستشرف عل احتضانهم العائلات الاسبانية بالتعاون مع حركات التضامن مع الشعب الصحراوي في كل اسبانيا و ايطاليا و فرنسا لمدة شهرين.
بالرغم من كون هذه المبادرة تعتبر التفاتة حسنة و محمودة، بحيث أنها تزيح حملا ثقيلا عن كاهل الأسر المعوزة، فهي سيف ذو حدين لها من السلبيات ما يعيبها. فالعديد من الأطفال يتعرضون لمختلف أنواع الاستغلال الجسدي و الجنسي، دون أن ننسى مخاطر التنصير التي يكونون عرضة لها من طرف الأسر الأوربية المحتضنة، ما يشكل تهديدا حقيقيا على نفسية أطفالنا و انتهاكا صارخا لحقوقهم و طمسا لهويتهم الدينية و الفكرية.
و في تعليق لمجموعة من الفعاليات الصحراوية من داخل المخيمات، فبرنامج “عطل في سلام” أصبح كطوق نجاة مثقوب وسط بحر من المعاناة، فهو ينقد أطفال المخيمات من الجوع و العطش و حرارة الصيف المفرطة بتندوف ليرمي بهم في أحضان الاستغلال و شتى أنواع الانتهاكات، أملين أن يكون المؤتمر المرتقب و القيادة التي ستنبثق عنه، بداية للقطع مع أساليب الاسترزاق التي تعاملت بها لزمن طويل و أفرزت هذا الواقع البئيس الذي يمس بمواقف الصحراويين التابثة و النابعة من الشريعة الإسلامية و مبادئ المجتمع الصحراوي الأصيلة.
أحمد الصبار/اسبانيا